نون الوقاية في اللغة العربيّة وقاية من الكسر أم وقاية من التوهم
Abstract
شاع في الدراسات النحويّة أنّ استعمال نون الوقاية مع الأفعال كان بسبب إسناد الأفعال إلى الضمير ياء المتكلّم ، وهذا ما يوجب كسر ما قبل الياء ، فكان استعمال النون وقاية ً من الكسر ، ومنها جاءت تسميتها بذلك . وقد ألحقت بالأفعال بعض حروف الجرّ ، وبعض الظروف ، والحروف المشبّه بالفعل ، فجاءت متصلة بنون الوقاية عند إسناد ياء المتكلّم لها. وعند البحث والاستقصاء عن هذه المسألة ، لوحظ أنّ العلماء القدماء قد تنبّهوا إلى أنّ الفعل يُكسر عند اتصاله بياء المخاطبة ، ولم تُستعمل نون الوقاية . وهذا الأمر جعل بعض العلماء يبحثون عن أسباب أخرى لهذا الاستعمال ، فرأى بعضهم أنّ استعمال نون الوقاية لأمن اللبس بين ياء المتكلّم وياء المخاطبة . وقد أحصى بعض المحدثين المواضع التي تستعمل لأجلها نون الوقاية ، وبيّن أنّ استعمالها كان لغرض دفع التوهم بين المتكلّم والمخاطب ، أو لأغراض معنويّة أخرى ، أهمّها : التوكيد . وحاول بعض الباحثين المحدثين دراسة استعمال نون الوقاية صوتياً ، وتوصل إلى أنّ لذلك مسوّغات عدّة ، من أهمها : المسوّغ الصوتيّ بسبب المقطع المتكون ، والمسوّغ المعنويّ ، الذي ينقسم بدوره إلى قسمين : الأول : التوكيد ، والآخر : دفع التوهم في المعنى المقصود . وجاء هذا البحث بتوجيه آخر لاستعمال نون الوقاية مراعياً حركة الفعل قبل إسناده إلى ياء المتكلّم ، وبقاء هذه الحركة بعد الإسناد ، وهذا ما يحقّق المزدوج الصوتيّ في أغلب الحالات ، فكان استعمال نون الوقاية تخلصاً من هذا المزدوج الصوتيّ المتحقّق ، فضلاً عن الأسباب ، التي أشار إليها العلماء القدماء والمحدثين.