أنماط الإشهار عن الإمام المهدي في الشعر العربي حتى نهاية القرن التاسع الهجري

Authors

  • أ.د. قصي إبراهيم الحصونة
  • رنا يوسف يونس

Abstract

في ضوء الدراسة البلاغية المتعمّقة لأسلوب الإشهار في الشعر المهدوي حتى القرن التاسع الهجري، يتجلّى أن الشاعر لم يكن مجرّد ناقل لعقيدة، بل كان مهندسًا لغويًّا يبني عبر مفرداته منبرًا يُنادي بالخلاص، ويُعلن الرفض بلغة مواربة تنبض بالحكمة والاحتجاج. لقد تماهى الإشهار في هذا الشعر مع الوجدان العقائدي، فصار القصيد خطابًا مضمَّخًا بالإيمان، نابضًا بالتمرد، يُلمّح أكثر مما يُصرّح، ويُشير دون أن يُسمّي، إذ أصبحت الصورة الشعرية، والرمز، والاستعارة، أدوات إشعاع عقائديّ وسياسيّ معًا.ولم يكن الإشهار المهدوي محض تبشير ديني، بل خطابًا احتجاجيًّا مُشفّرًا، استُخدمت فيه بلاغة التكرار، وفنون التوكيد، وجماليات التقابل بين النور والظلمة، الغياب والظهور، العدل والظلم، ليُشيع في وجدان الأمة توقًا دائمًا للعدل الآتي. هكذا تحوّل الشاعر إلى ناطق باسم الغيب، ومبشّر بالخلاص، ومعارض للأمر الواقع، دون أن يقع في فخ التصريح، بل عبر دهاء بلاغي يُراوغ الرقيب، ويُوقظ الضمير، ويجعل من الشعر وسيلة إشهار عقائدي ـ سياسي، تمتزج فيه القداسة بالرفض، والإيمان بالثورة. وبذلك، يتّضح أنّ الشعر المهدوي لم يكن مجرد انعكاس لعقيدة مغروسة في الوجدان، بل كان فعلًا بلاغيًّا مقاوِمًا، يُشهِر العقيدة بلسان الفن، ويُشهِّر بالواقع ببيانٍ مغموسٍ بالرؤية الغيبية. لقد تحوّل الشاعر، عبر أدوات الإشهار الرفيعة، إلى حامل رسالة مزدوجة: ترسيخ الإيمان بوعد الظهور، وزرع الرفض الصامت في وجه سلطات الجور. ومن خلال هذا التوظيف العميق، يصبح الشعر المهدوي شاهدًا على اتحاد البلاغة بالعقيدة، والفن بالرسالة، ليظل صوته صدًى أبديًا لانتظار لا يخبو، واحتجاج لا يُقمع. فكان الشعر صوت الانتظار، ولسان الرفض، وذاكرةَ الأمل المتجدد عبر عصور الغياب.

Downloads

Published

2025-09-30