تدهور العلاقات الخارجية الأيرانية البريطانية في عهد كريم خان الزند 1763-1776
الملخص
دخلت ايران في دوامة الحروب طيلة حكم نادر شاه (1736-1747)([i]) الذي أستمر لأكثر من احدى عشر عام، ولم ينته ذلك المسلسل الدموي المرير إلا بمقتله عام (1747)، وبعده أيضاً أصبحت البلاد ميداناً للأقتتال والتناحر والتصفية الجسدية بين القوى المتنافسة على عرش أيران، ففي الوقت الذي توج على قلي خان([ii])، نفسه شاهاً لأيران متذرعاً بأنتسابهِ لأسرة نادر شاه، فإن منطقة شمال ايران خضعت لسلطة محمد حسن قاجار([iii])، في حين وقع الجزء الجنوبي تحت سلطة كريم خان الزند([iv]). وفي جنوب غرب ايران سيطرت قبائل البختيارية([v]).
استمرت الحرب بين المطالبين بالسلطة سنوات عدّة اريقت خلالها دماء كثيرة من زعماء القبائل والقادة في كل مناطق ايران، دون استثناء، سواء في الشمال أو الغرب أو الوسط، وانعدم الأمن والأستقرار والطمأنينة، وكانت النتيجة النهائية انتصار الزنديين بقيادة كريم خان الزند في عام (1750) الذي أخضع جميع مناطق ايران بعد ان لحق الهزيمة بقادة الجيش التابع الى عباس الثالث([vi]).
ويمكن القول أن فترة حكم كريم خان الزند بشكل عام هي فترة النمو والتطور والأزدهار في تاريخ أيران، واطلق على نفسه لقب (وكيل الرعايا) وليس لقب شاه، وقد نجح على المستوى العملي ان يقوم بمجموعة من الأصلاحات والمنجزات على الصعيد الداخلي لأيران، ومع ان الدراسات التاريخية المتعلقة بالعلاقات الخارجية لحكومة كريم خان الزند تعد من القضايا الغامضة تقريباً في تاريخ ايران الحديث، الا أن الباحث في هذا البحث راعى الدقة العلمية خاصة بما تناولته المصادر العربية والفارسية لعلاقات كريم خان الزند مع اهم دولة في ذلك الوقت وهي بريطانيا.
([i]) نادر شاه (1688-1747): ولد نادر شاه في قرية (دستجرد) الواقعة في الشمال الشرقي من ايران، وينتمي الى قبيلة الافشاريين التركية كانت علامات القوة والقيادة بارزة لديه، دخل الجيش وعين برتبة عالية، وكان ذلك اواخر العهد الصفوي، حكم ايران بعد ازاحة الشاه الصفوي عباس الثالث عن العرش في عام 1736، واستطاع بفترة حكمه تلك ان يوحد ايران، وفي احدى حملاته في شمال ايران، اغتيل في خيمته عام 1747، للمزيد ينظر: حسن الامين، صراعات في الشرق على الشرق، ط1، لبنان، 2001، ص115-170.
([ii]) لم يكن علي قلي خان افشاريا، بل هو قائد من قادة نادر شاه ولكنه اعتلى العرش تحت اسم الافشاريين ولكنه لم يستمر طويلاً. إذ سرعان ما اندلعت الحرب الأهلية في ايران، استمرت ثلاث سنوات انتهت بهزيمة علي قلي خان، واعتلاء الزنديين العرش الايراني، ينظر: د. حسن الجاف، الوجيز في تاريخ ايران، ج3، بغداد، 2005، ص138.
([iii]) ولد محمد حسن قاجار في منطقة (دشت اشرفي) في جرجان عام 1742 وهو مؤسس الدولة القاجارية في ايران وهو الذي أطاح بحكم خلفاء كريم خان الزند عام 1782 وجعل طهران عاصمة له وكان حاد الطبع عنيفاً واستطاع ان يوحد ايران بحملاته وهجماته المتكررة توفي في منطقة (شوشا) عام 1789، للمزيد حول سلطة محمد حسن قاجار، ينظر: حسن الامين، المصدر السابق، ص140.
([iv]) كريم خان الزند ولد في قرية يرى اللرية عام 1701 وتنتسب اسرته الى قبيلة (لك) الكردية، والتي هي احدى قبائل (اللر) المعروفة، عمل كريم خان جندياً في جيش نادر شاه، ولم يكن له في البداية شأن يذكر وبعد مقتل الأخير تقلد كريم خان مناصب عسكرية رفيعة في عهد عادل شاه ولكن سرعان ما وقع الخلاف بينهما، وطلب منه الأذن بالرجوع مع عشيرته الى موطنهم الأصلي في (ملاير) إلا أن عادل شاه لم يوافق على طلبه وقرر كريم خان ترك صفوف جيش عادل شاه وتوجه مع افراد عشيرته في (ملاير) وتحصن خوفاً من حملات عادل شاه في قلعة يري واتخذها مقراً لقيادته ولم يلبث طويلاً حتى التحق مع أخيه صادق خان بناءاً على طلب ابراهيم خان الذي ثار على أخيه عادل شاه بقوات ابراهيم خان ولقب بعد هذا التاريخ بلقب (الخان) وذاع صيت كريم خان في ارجاء البلاد، للمزيد، حسن الجاف، المصدر نفسه، ص135-150.
([v]) للمزيد حول هذه القبيلة، مذكرات شابور بختيار، البصرة، 1958.
([vi]) (1732-1740) وهو ابن الشاه طهماسب الثاني بعد تنحية والده بأمر من نادر قلي (نادر شاه فيما بعد) أصبح الطفل عباس الحاكم الاسمي لأيران عام 1732 ولكن نادر قلي خان اطاح به عام 1736 واصبح شاه لأيران، للمزيد: غلام رضا ورهرام، تاريخ سياسي واجتماعي در عصر زند تهران، 1385، ص24.